معالي الدكتور احمد السعيدي
‎"سأترك لصدق المحبة أن تملي صادق الكَلِم"

آيات شكر وتقدير 

 

أعزائي الزملاء في المجتمع الصحي العربي وفي المجلس العربي للإختصاصات الصحية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

لقد اقتضت سنة الله في عباده أن ينفذ أمره بينهم بالتداول والتعاقب والتغيير كي تتجدد محاور الحياة وتصاريفها، وهي سُنة يَغفُل عنها كثيرون، ولكنها تصيب الناس جميعًا لا استثناء فيها ولا تخالف، أقول هذا لكم وأنا على أعتاب محطة جديدة في حياتي، أعقبت محطة عملت فيها بين ظهرانيكم كان لي فيها عظيم الشرف والامتنان بأن توليت رئاسة الهيئة العليا للمجلس العربي للإختصاصات الصحية هذا الصرح الصحي العربي المرموق، فلقد أسعدني العمل معكم وأنتم نخبة مميزة من أبناء عالمنا العربي، وهي وإن كانت فترة وجيزة في حساب الأيام والشهور، ولكنها شكّلت لي منجم خبرة وعلاقات إنسانية دافئة خالدة  على المدى الطويل ستبقى حاضرة في الذاكرة ما حييت، وستظلون كما أنتم، العاملون المتفانون تصلون الليل بالنهار للارتقاء بالقطاع الصحي في شتى بقاع وطننا العربي الكبير، دون كلل ولا ملل، تدركون تمامًا أن المجتمعات لا تنهض نهضات حقيقية مستدامة إلا بالوصول إلى أنظمة صحية  عاملة راقية تبني فتوتها وتجدد إبداعها وتحفظ أفرادها.

لقد عملت في إطار مجلس وزراء الصحة العرب مدة 12 سنة خَبرت مع إخواني الوزراء تفاصيل العمل الصحي العربي وحققنا معًا إنجازات كثيرة لا محل لذكرها، ولكنها صنعت ما أتحدث عنه إليكم اليوم، وفي السنوات الثلاث الأخيرة كنت في رئاسة الهيئة العليا للمجلس العربي، ولم يكن وصولي إليها جهدًا فرديًا من خاصّة نفسي، ولكنه أمانة شرفني بحملها نخبة من الأخوة الوزراء والزملاء الأساتذة الأفاضل ظنوا بي الخير فقدموني لها، فلكل واحد  من إخواني أصحاب المعالي الوزراء  و أخواني الزملاء العلماء في مجلس وزراء الصحة العرب والهيئة العليا للمجلس العربي ومكتبها التنفيذي والأمانة العامة والهيئات المحلية في الدول العربية الشكر والتقدير، فقد نهضوا معي بهذه الأمانة دعمًا وتسديدًا وتشجيعًا، ولولا ذاك لكان طريقنا عسيرًا وشاقًا وطويلًا ، والشكر  موصولا أزجيه  إلى زملائي الأخوة في المجالس العلمية الذين ما فتئوا يدفعون بفكرهم وجهدهم الموصول نحو الغايات العليا بأداء مميز منقطع النظير، ثم الشكر أولا وأخيرًا لكم أنتم - أفراد المجتمع الصحي العربي - أعني الأجناد الصامدين خلف مواقعكم تصنعون تفاصيل النجاح وترسمون ملامح المستقبل ومعالمه، ولا أظن أني أوفيكم حقكم بالثناء الواجب، ولكن يكفيني أن تلمسوا من كلماتي صدق محبتي لكم ووفائي وسأترك لصدق المحبة أن تملي صادق الكَلِم كما يقول شوقي رحمه الله.

إن ما حققه المجلس العربي للإختصاصات الصحية منذ إنشائه حتى اليوم من إنجازات كبيرة ومهمة هو من غير شك مفخرة لنا جميعًا، وما هو إلا ثمرة لعمل جماعي دؤوب وإخلاص للفكرة ورغبة في النهوض والتقدم، لقد واجهنا معًا كفريق عمل في السنوات الثلاث الماضية منعطفات تاريخية حادة، وتحديات جليلة عظيمة كان أكبرها وأثقلها - ليس علينا فحسب بل على العالم أجمع - تحدي وباء كورونا ومتحوراته، وكان الرهان على المجلس أن يقوم بدوره وينهض للتحدي بكل ادواته وأمكانياته البشرية والمادية ، فنهضنا جميعًا للتحدي وقمنا له أفضل قيام، وكان الفضل للروح الجماعية التي تحليتم بها، ولحرصكم على العمل أن يُؤدى على أفضل وجه؛ فتحققت شروط النجاح فكان لنا منه النصيب الأوفر، لم يكن هذا النجاح فردًا بل ثمة سلسة نجاحات أخرى تحققت في إطار المجلس وهي أيضًا من العلامات الفارقة فيه: مثل إعداد استراتيجية المجلس والشروع في تنفيذها، وتحديث الأنظمة والقوانين، والتحول الرقمي، واكتساب المجلس سمعة عربية عالية وثقة راسخة، فزادت البرامج التي يقدمها وأعداد منتسبيها، وتحقق حلمنا بانضمام بقية أخوتنا في المغرب العربي إلى ركب المجلس ليكتمل التحام صفنا العربي في مجال العمل الصحي.

وأخيرًا فإن رجائي الخالص أن تنظر جامعة الدول العربية الى هذا المجلس كما يستحق أن يُنظر إليه، وأن يُتخذ مثالًا يحتذى به في تجمعات العمل العربي المشترك. لقد تقدمتُ عام 2019 بمبادرة لمنظمة الصحة العالمية تحت عنوان "الصحة من أجل السلام "، وقد تم اعتمادها بتوفيق من الله ثم بفضل جهود الزملاء والشركاء كافة، وإنني من هذا المنبر أطرح عليكم مبادرة لجامعة الدول العربية تحت عنوان "الصحة من أجل التنمية" لعلكم تحملون رسالتها وتضيؤون مشعلها وتمضون في العمل عليها، تقوم على فكرة مفادها أن صحة المجتمعات تترقى بترقية الخدمات الطبية وعلومها، وتأهيل كوادرها تأهيلا عاليًا وفق أحدث ما وصلت إليه البشرية من العلوم والاكتشافات الطبية، وفضلى الممارسات العالمية وهي مطالبُ تنميةٍ نحن بأمسّ الحاجة لها في عالمنا العربي اليوم.

إن دعمي للمجلس العربي سوف يستمر بإذن الله، وإني لاعتبره واجبًا إنسانيًا ودَينًا مستحقًا طالما في صدري نفس يتردد وبين جنباتي قلب يخفق.

أملي أن نلتقي دائمًا على الخير، وفقكم الله جميعًا وحفظكم من كل مكروه

وأكرر شكري وامتناني وتقديري  

 

                                                                                                                                                  أخوكم

                                                                                                                       د. أحمد بن محمد بن عبيد السعيدي