"حسن السؤال نصف العلم"

التقويم والامتحانات في المجلس العربي نقلة نوعية في مناهج المعرفة الصحية وإدارتها

الأخوة والزملاء الأعزاء

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

 

من أبلغ عبارات أسلافنا السابقين حول العلم والتعلم قولهم "حسن السؤال نصف العلم"؛ لأنهم كانوا يرون العلم كله "سؤال حسن" "وجواب حسن أو أحسن منه"، ولعلنا في المجلس العربي اليوم نستحضر أبعاد هذه المقولة في تكوين منهجيتنا المعرفية في الطب والعلوم الصحية عمومًا، فليست جودة المناهج وجودة التدريس وحدها كفيلة بإخراج المتعلم الجيد العالم بتخصصه؛ بل لابد من الأسئلة الجيدة الصحيحة المناسبة التي تكتشف قدراتهم وتحدد معالم كفاياتهم وجودة أدائهم على الوجه الدقيق، وتبين جوانب الضعف والقصور التي يجب أن تتقوى وتُستدرك لتبني اختصاصياً كفؤًا عالما بتخصصه متفوقًا في ميدانه. هذه هي رؤيتنا وطموحنا على نحو مختصر.

 

زملائي الأعزاء

 يأتي حديثي إليكم في هذا السياق ونحن في المجلس العربي نخوض غمار تجربة صعبة من المراجعة الدقيقة لكل مفردات العمل وآلياته والتحول المنهجي والتغيير نحو أنظمة عصرية تواكب التطور المتسارع الذي تشهده ميادين العمل الصحي في العالم المتقدم من حولنا، وقد شرعنا مع زملائنا أهل الاختصاص والخبرة في المجلس بتغيير نظرتنا إلى الخارطة الامتحانية للتركيز على المحور الأساس لهذه العملية، ونعني بها أهداف الامتحان عمومًا وأسئلته والكفايات الأساسية المطلوب اختبارها وجوانب الاحترافية ومتطلبات المهنة وأخلاقيات الأداء وحدود المسؤولية والوعي بها، مستعينين في ذلك بعملية منهجية دقيقة في مراجعة كل الامتحانات التي تقدم لزملائنا المتدربين تبدأ بالتخطيط والإعداد ثم التنفيذ ثم تحليل النتائج والوصول إلى قرارات بشأن المناهج والأداءات التدريسية التي تقدم للممتحنين في إطار التخصصات المختلفة.

 

وقد اقتضت عملية التطوير هذه التحول الرقمي في عملية القياس والتقويم، ولم يكن التحول غاية لنا بقدر ما هو وسيلة التطور ووعاؤه؛ فليس بالإمكان معرفة حدود قدرات الممتحَن وكفاياته على وجه الدقة والأبعاد التفصيلية دون هذا التحول، لقد كان الامتحان فيما مضى درجات تُعلن تعبر عن نجاح الزميل الممتحَن في اختصاصه أو إخفاقه، ولكنّ الامتحان الطبي اليوم اكتسب معنى جديدًا، وأصبحت الأرقام قيمًا إحصائية دالة على المعارف والمهارات والمواقف والاتجاهات التي تُختبر لدى الممتحَنين، وصار المقيم والطالب على حد سواء يريان الصورة من جوانبها المتعددة.

 

لقد أتاحت فكرة المجلس بإنشاء بنوك أسئلة للاختبارات الطبية هذه الميزة، فقد جُمعت فيها أسئلة كثيرة في كل اختصاص ثم بُوبت وُصنفت وفقًا لموضوعاتها ومستويات صعوبتها وغرضها والكفايات التي تقيسها، وأودعت في منصة عالمية " Exam Soft " مُعدة  لهذا الغرض، وهي منصة تستخدمها المنظمات والمؤسسات الطبية المتقدمة حول العالم، وصارت لجنة التقييم إذا أرادت إنشاء امتحان لمنسوبيها تحدد مواصفات الامتحان من كفايات ومستويات صعوبة ثم تنشئه لهم بحيادية تامة، وصارت الامتحانات على امتداد الوطن العربي تقدم في مراكزها المحددة جميعها في الوقت ذاته دون تقديم ولا تأخير، وصارت عمليات تصحيحه إلكترونية سريعة، وغدت العملية برمتها تتم بفاعلية أعلى وجهد ووقت أقل مما كانت علية الطريقة التقليدية القديمة التي كانت تتطلب أسابيع من الزمن وجهودًا كبيرة وكوادر بشرية عديدة.

 

نقول لكم هذا الكلام وكلنا فخر بهذا الإنجاز الجماعي، وتحدونا آمال عريضات أن تمضي جهود التحديث والتطوير في هذا المجال إلى مواقع متقدمة وغايات جديدة، ولا سيما استحداث طريقة جديدة في عرض نتائج الامتحان تُعطي الممتحَنين تغذية راجعة تميز لهم مواطن القوة في قدراتهم ومكامن الضعف فيها، وتقارنها لهم مع زملائهم في التخصص والتخصصات أخرى، وهي آمال ستبلغ آمادها إن شاء الله تعالى قريبًا بجهود المخلصين من زملائنا في المجلس العربي أهل الخبرة والامتياز الذين لا ينقطعون عملا وفكرًا لبلوغ هذه الغايات المستشرِفة النبيلة.

 

نسأل الله لنا ولكم السداد والتوفيق والرشاد

 

تحياتي المخلصة

أ.د عمر الرواس