Prof Omar Alrawas

المجلس العربي

توثيق المسيرة والإنجازات

 

الزملاء الأعزاء في المجتمع الصحي العربي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

 

في تاريخ المجلس العربي كثيرٌ من القصص والحكايا والإنجازات صنع تفاصيلها رجالٌ وقاماتٌ طبية عربية نفتخر بهم، بعضهم سبق إلى رضوان الله ورحمته وآخرون ما يزالون بيننا – متّعهم الله بموفور الصحة والعافية- وكانت فرصةُ اللقاءِ ببعضهم في ملتقى البحر الميت الذي عَقده المجلس في شهر فبراير عام 2022 بمناسبة مرور 45 عامًا على تأسيسه مصدر اعتزاز وإلهام، وكان لقاءَ تعارفٍ واعترافٍ بالفضل للرعيل الأول الذين مهدوا الطريق للأحلام وبنوا صرحًا طبيًا عربيًا شاهقًا ومؤسسة علمية صحية استثنائية لها رمزيتها الخاصة كمثال على النجاح والتفوق في العمل العربي المشترك.

 

 أذكر شخصيا في ذلك الملتقى أن لقاءاتنا معهم كانت عهودًا من الذكريات والطموحات والأحلام، ولما كنا نتحدث عن بعض ما حققناه في السنوات الأخيرة كانوا يقولون: لطالما كانت هذه أحلامنا، وبعضُ طموحاتنا التي تحدثنا بها إليهم كانت مصدرَ سعادةٍ لهم ورجاءٍ ودعاءٍ بأن تتحقق، كتب معالي الدكتور زيد حمزة وهو من الرعيل الأول الذين قادوا المجلس في بداياته في مقالة له في الرأي الأردنية بُعَيدَ الملتقى، عن أسرارِ هذه اللحظة، وكيف نشبت في ذاكرته، فاستعادَ بها طيفَ أحلامٍ وذكرياتٍ متصلةٍ يقول معاليه:

"أي ثروة معنوية كبيرة كانت تدخرها الأيام لبعض من تقدم بهم العمر من أمثالي وقد تكثفت في محبة جيل لاحق من الأطباء العلماء المتفوقين وهم يكرموننا في احتفالية المجلس العربي للاختصاصات الصحية بمناسبة مرور خمسة وأربعين عاما على تأسيسه".

 

وكان الجامعُ بيننا في كلِ ذلك جميعًا هو الحبُ الشديدُ والولاءُ المستنيرُ لهذه المؤسسةِ العربيةِ العريقة، والفكرُ الوحدوي الأصيلُ الذي يجمع ولا يفرق، لقد عبر معالي الدكتور علي فخرو وهو أيضًا من الرعيل المؤسس في مقالةٍ تأمليةٍ خاصةٍ عن هذه المناسبة بقوله:

"أصبح المجلس واحدًا من المؤسسات المنخرطة في منظومة الجامعة العربية التي أعانته على الاستمرارية والنمو، وتحققَ الهدف الأساسي من تكوينه: تقليلُ نزيف العقول والقدرات العلمية العربية في حقول الطب والصحة وهجرتها إلى خارج الوطن العربي، وإبقائها لخدمة شعوبه.. لقد ساهم هذا الإنجاز العربي المشترك في حل مشكلة عربية عامة من خلال الإيمان بالمصير العربي الواحد، والعمل العربي المتضامن الواحد، نقدمه لشابات وشباب الأمة كأنموذج للطريق الوحدوي العروبي الذي نتمنى أن يسلكوه بوعي وإصرار وإرادة من أجل إنهاض أمتهم وخدمة شعوبهم وتأكيد ذواتهم وعيش الكثير من أحلامهم".

 

كما واستعرض كلا من معالي الأستاذ الدكتور أحمد السعيدي ممثلا عن رؤساء الهيئة العليا السابقين، والأستاذ الدكتور محمد السويحلي ممثلا عن الأمناء العامين السابقين تطور المجلس العربي وإسهاماته الصحية المختلفة والمنعطفات التاريخية التي أدت إلى تحولات مهمة في مسيرته، لقد استدعت كل تلك الأفكار إلى ذهني ضرورة أن يكون هذا التاريخ حاضرًا في مسيرة المجلس العربي، ليس لأنه مستودعٌ لتوثيقِ الأحداثِ وحسب، ولكن لدلالةِ معانيهِ وعمقها، وتعليل الأسبابِ التي أوصلت إلى سياق هذا الواقعِ وحاضره، ولعل من يقرأ كلام العلامة ابن خلدون في وصفه للمعرفة التاريخية حيث يقول:

"أصيلٌ في الحكمةِ عريقٌ، وجديرٌ بأن يُعد في علومها وخَليقٌ، في باطنه نظرُ تحقيق، وتعليلٌ للكائنات ومبادئها دقيق، وعلمٌ بكيفيات الوقائعِ وأسبابها عميق"

 

 سيدرك هذه الفكرةَ وأهميةَ المرجعيةَ التاريخيةَ التي يتوثقُ بها الفهمُ ويتعززُ بها إدراكُ الأسسِ والأصولِ، وتمَكّن منهجيةِ الرفضِ والقبولِ.

 

ومن هذا المنطلقِ تأتي فكرةُ استحداثنا للنافذةِ التاريخيةِ التي نُقدمها اليوم على الموقع الإلكتروني للمجلس العربي، وهي نافذةٌ نَعرضُ بها حدثًا أو إنجازا أو موقفًا للمجلس من خلال خبرٍ أو وثيقةٍ أو نصٍ أو صورةٍ، نُطل فيها على جانبٍ من تاريخه، نُوضحُ مناسبتها أو نبين فضاء تَشْكلها ليبقى التاريخُ حاضرا والإنجازُ ماثلا، ولعل هذه النافذةَ ستؤدي بنا إلى إصدارَ كتابٍ يجمعُ تاريخَ هذا المجلسِ ويُعرّفُ بمسيرته ويوثّقُ جملة إنجازاته وأعماله.

 

نسأل الله السداد والرشاد والعزم على العمل الجاد

وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ

والسّلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ

 

                                                                                                                       أ.د. عمر الرواس

                                                                                                                    الأمين العام للمجلس العربي