Prof Omar Alrawas

الاعتماد المؤسسي: معًا لبناء غد صحي عربي مشرق

سبق أن ذكرنا في رسالة سابقة حملت عنوان "الاعتماد: ديمومة الالتزام بالتحسين وجودة الأداء" حول فكر المجلس العربي عن الاعتماد فقلنا: إن دعوة المجلس العربي للالتزام بالاعتماد بفرعيه المؤسسي والبرامجي يأتي من حقيقة إدراكه الواعي بالنتائج التي تَتَحقق جراء تطبيقهما.. والفائدةِ التي تعود على صحة المرضى وسلامتهم وذلك عند تخريج اختصاصيين أعلى قدرة وأكثر استعدادًا للممارسة الاحترافية دائمًا"، هذه الرؤية مازلنا نستصحبها ونحافظ عليها ونعمل من أجلها لبناء غد صحي عربي مشرق.

لقد مر دليل الاعتماد بمراحل عديدة في إعداده ليرسم معايير الاعتماد، ويحدد مواصفات التدريب ويطورها وفقًا لفضلى الممارسات العالمية في إعداد الاختصاصيين في فروع العلوم الصحية المختلفة للعمل مع الجهات المختصة على تطبيقها واستدامة مستواها، مع بذل الجهد لمراجعتها دوريًا وتطويرها ومواكبتها للتقدم العلمي والمستجدات العالمية في التعليم الطبي ونظم تقديم الرعاية الصحية المختلفة، وقد اشتمل الدليل على نظام الهيكلة الإدارية للاعتماد، ومعايير الاعتماد للمؤسسات الراعية (الاعتماد المؤسسي)، ومعايير الاعتماد للبرامج التدريبية (الاعتماد البرامجي)، ومتطلبات كل واحد منها وإجراءاته، وذلك كمنظومة للاعتماد وضمان الجودة وفقًا للائحة التنظيمية للشؤون الأكاديمية.

تاريخيًا كان المجلس العربي يطوي اعتماد المؤسسة الصحية في اعتماد برامجها، فلم تكن مسألة اعتماد البرامج تنفصل عن اعتماد المؤسسة التي تقدمه، سواء أقدمتها المؤسسة وحدها أم كانت مشاركة لغيرها في تقديمها، وأما اليوم فمع نضج فكر الطرق التي تتشكل بها الجوانب المستقبلية لنظم الرعاية الصحية، وانقسامها إلى تفريعات دقيقة جدًا وتعقد مساراتها، كان لا بد لنا من الالتزام بالاستجابة لهذه التطورات التي تنقلنا إلى مواقع جديدة من الأداء العالي والفكر الصحي المتقدم الشامل، الذي يَميزُه بأنه يخدم المرضى ويقدم لهم رعاية صحية فضلى ويعتني بسلامتهم وصحتهم.

وقد برز في هذا الإطار مفهوم رئيس نعول عليه  – في المجلس العربي - كثيرًا في سياق الاعتماد المؤسسي وهو "المؤسسة الراعية" والتي عُرّفت بأنها: " التجمع الصحي أو المنشأة المشرفة والداعمة للتعليم والتدريب في الاختصاصات الصحية وتقوم بإدارة برنامج أو مجموعة برامج تدريبية في الاختصاصات الصحية تحت مظلة المجلس العربي، ويمكن أن تكون جامعة أو مستشفى أو مركز رعاية صحية أولية أو هيكلا يدير منظومة صحية أو تعليمية". حيت يتمتع هذا الكيان بالسلطة والمسؤولية عن مخرجات التعليم الطبي؛ فالنظرة المستقبلية للاعتماد المؤسسي تستحضر فكرة المؤسسة الراعية باعتبارها جهة الدعم والإشراف والمتابعة وضمان الجودة، وإليها تسند الوظائف الآتية:

  • القيادة (الإشراف والدعم).
  • الهيكل التشغيلي (الموظفون والأنظمة واللجان).
  • توفير الموارد لدعم برامج التدريب.
  • الإشراف على بيئة التعلم السريري.
  • متابعة سياسات التعليم وإجراءاته في البرامج التدريبية المختلفة.

وهذه الوظائف تحدها معايير التطوير المؤسسي التي تتضمن مراجعات متعددة للمتطلبات التي تؤثر في بيئة التعلم السريري وتطورها، والدعم التعليمي القوي القائم على التكامل الاستراتيجي بين أجزاء النظام، وكذلك المتطلبات المؤسسية التي تشمل التوقعات الخاصة بالبرامج التعليمية ذات الأداء العالي. إن استخدام الاعتماد كآلية أساسية لقيادة التغيير في هذا الجانب المهم من العمل الصحي، يولد لدى المؤسسات والأنظمة الصحية رغبة في تطوير عناصر أدائها، سعيًا للوصول إلى غاية كل معيار من معايير الاعتماد، وهذا هدف يحرص المجلس العربي على بلوغه مع المؤسسات الصحية العربية جميعها، وسيعمل معها يدًا بيد لتتأهل للاضطلاع بدورها المنوط بها، وبما يحقق الرؤية المستقبلية الطموحة لها التي ترنو إليها شعوبها فتحقق سلامتها ورفاهها الصحي. 

 

نسأل الله التوفيق والسداد

 

                                                                                                                                               أ.د. عمر الرواس

الأمين العام للمجلس العربي